#311: أيمكن أن نعيد لقائنا الأول مراتٍ عديدة؟
لأن الأشياء التي تأتي دون حسابات أو توقعات هي الأجمل، سيظل لقائنا الأول يوم أن التقينا صدفةً هو ما أبحثُ عن مثله، وأبذِلُ قصارى جهدي لكي التقي بك في لقاءٍ أخر يشبهه ليترك في روحي مثل ذاك المذاق الحلو..
لم تكن تلك المرة هي الأولى التي رأيتني فيها، فقد رأيتني عدة مرات قبل ذلك، ربما مرتين أو ثلاث.. ولكن في تلك المرة لم أكن أنا تلك الفتاة التي رأيتها من قبل، فقد تغيرتُ كثيرًا، وأصبحت أكثر قبولًا لما يدور حولي من أحداث، فانفرجت ملامح وجهي واتسعت ابتسامتي وأشرقت عيناي.. لعل ذلك هو ما لفت انتباهك تلك المرة وجذبك إلي، فلاحقتني بنظراتك وغمرتني باهتمامك وأخذتني إليك حتى أصبحنا نقف في دائرةٍ واحدة بقربٍ شديد.. أحببتُ ذلك الاهتمام لدرجة لن تتخيلها، كنت متعطشة له فارتويت.. أحببته لدرجةِ جعلتني ابتعد في خوف، أو حذر، لا أدري.. خوفٌ من أن افتقده مرة أخرى.. ولا أدري ماذا فعلتُ بعدها، أكانت أفعالي بهدف أن نتقرب أكثر، أم كنت أهربُ منك؟!
ثم بادرت أنت لتُبدي اهتمامًا زائدًا لتراني مرةً أخرى، ولَبيتُ أنا ذلك النداء... كان لقائنا الثاني مزدحمًا بأشخاصٍ غيرنا، فلم نلتقي حقًا إلا عندنا تلامست ايدينا لتُلقي السلام..
ثم عندما قُدِر لنا لقاءً ثالثًا، سارعت لكي أُظهر شوقي لرؤيتك، ولا أدري إذا ظهر حقًا أم منعتني عزة نفسي فتمنعتُ كثيرًا وتشوشت الرؤية... أصبح لقائنا الثالث أشبه بلعبة القط والفأر.. أبحثُ عنك فلا أجدك، وتبحثُ أنت عني فلا تجدني.. أُلقي عليك نظرةً، ثم إذا تلاقت أعيننا أحيدُ بنظري.. وبالرغم من ذلك كله، بالرغم من قلة اللحظات التي جمعتنا، كان اهتمامك بي واضحًا وضوح الشمس، كنت، كما كنت أنا أيضًا، تتحرى الثواني التي قد تجمعنا سويًا، وكنت تأتي إلي بشيءٍ من الحنية والود كلما خجلت نفسي من أن تُظهِر حقيقة ما تتمناه... كأنك تعلم ما يدورُ في نفسي، وكأني طفلة لا تستطيع التعبير عما تريده فتأتي أنت به على غفلة...
أيمكن أن نعيد الزمن ونغير الأحداث؟
لا، لا يمكننا ذلك، لكن ما أستطيع فعله هو إعادة المشاهد في ذاكرتي ثم أغيرها كما أريد، فأراني اتخلى عن درعي وقناعي وأتحرك بخفة ومرح حولك فتُلاحقني أنت بنظراتك وابتساماتك، وكأن العالم قد خلى من جميع الناس ولم يبق غيرنا..
أعلم أنك أتيت لتُعلمني شيءً ما، لتُعلمني معنى أخر للإنسانية، لم أكن أعلمه من قبل.. فقبِلت.. قبلت الدرس وقبلت التعلُّم وقبلت أن تكون أنت مُعلمي..
كم اتمنى أن تَلقى عينك هذه الكلمات فتتيقن أنك أنت المعني به، ثم اتمنى ألا يعقب هذا أي رهبةٍ أو اختفاء.. فاتمنى أن تقبل هذا الوصال الذي بُنيَ بيننا..
Comments