#307: شِباك الذكريات
قد يرى أحد أن دورك في حياته لم يتعدى اللحظة التي التقيتما فيها، وكفى.. فهي بالنسبة له لحظةً سعيدة سيظل يتذكرها طوال العمر، غير نادم على قِصر مُدتها، فهي من أسعد لحظات عمره، وأسعد قصصه التي قد يسردها لأحفاده يومًا ما..
يسُرُكَ ذلك الأثر الذي تركته في شخصٍ عابر تلاقت طُرقات حياتكما لبضع لحظات.. فقد ترك هو الأخر أثرًا مماثِلًا، أو قد يزيد تأثيره أو يقل قليلًا.. لكن قد تظل تلك الأحداث التي جمعتكما عالقة في ذهنك إلى درجة الشلل.. فتجعلك غير قادر على تجاوزها أو أن تمضي في طريقك كما كنت قبل أن تلتقي به.. لم يعتاد عقلك من قبل على مثل تلك القصص القصيرة، فمازال عقلك ينتظر نهايةً ما، نهاية يستطيع استيعابها، نهاية تتماشى مع توقعاته وخيالاته.. فكيف يمكن لشيءٍ بهذا الجمال أن يدوم لأيامٍ معدودة فقط؟ وكيف يمكن أن تُمنح الفرص مرةً واحدة فقط؟ فلِمثل هذا الأثر عواقب شديدة، قد تهدِم قناعات وتغيِر خطط مُستقبلية.. تلك القصص التي تنتهي بلا نهاية مُرضية هي المحطات التي تقف فيها لتُحدد أي طريق سوف تسلكه، هل ستُكمل الطريق حتى تجِد نهايته، أم ستأخُذ المنعطف لطريقٍ أخر، أم ستعود إلى المحطة السابقة مرة أخرى؟
نعم، هي لحظات معدودة، بل أحيانًا قد تكون ثواني قليلة تسع كلمة واحدة أو كلِمَتين تسمَعهُما، لكنهما يخترِقان سمعك وجسدك وقلبك وعقلك وروحك وكل ما فيك من طبقات ليتركا تلك الندبة التي تُشكل مجرى مستقبلك بأكمله.
فلا تقع فريسة لعقلك المُنتظِر لنهايات تُلائِم فقط خيالاته غير الواقعية، ولا تقع في شِباك بعض الذكريات العالقة بذهنك.
Comments