#268: الاختبار

اتذكرُ ذلك اليوم عندما رأيتكما معًا لأولِ مرة.. كُنتُ أعلمُ من تكون هي، وأعلمُ مكانتها في حياتِك، ولكني لم أكن قد تعرفتُ عليها بشكلٍ شخصي بعد .. وكُنتُ أعلمُ عنك القليل، أقل بكثير مما أعلمه الآن، لكنك كُنت في نظري شخصٌ عظيم، فمن يصِل إلى قلبِكَ فقد فاز..
وأتذكر تلك الغيرة التي ملئت قلبي من سلامكما لبعض.. أتذكرُ كيف كانت تتمايل ضحكاتها بدلعٍ مُطمئن، وكيف كُنتَ تستقبل ذلك بابتسامةٍ وقبول .. كم تمنيتُ حينها أن يأتي يومًا أستطيع فيه أن أُناديك بمثل ذاك الدلال الذي نادتك هي به، فتسمح أنت لي بذلك وتستهويه في قلبِك.

اتذكر كذلك يوم ما بكيتُ بحرقةٍ لم أعهدها من نفسي بعد سماعِ لحديثها عن مغامراتكما سويًا، فبكائي لم يكن إلا لشدة اشتياقي لخوض مثل هذه الحياة التي حكت عنها معك.
ثم مر القليل من الوقت، والكثير من الحياة والمواقف التي جعلتني اقترب منكما، كلٍ على حده. فعلمت عنك الكثير وتحدثت معك أكثر مما تخيلت أن أفعل، كما علِمت عنها فأحببتها وتعاطفت معها.. فقد فُزت حقًا بقربِ المسافات .. وقد من الله علي بما تمنيته من قُربٍ لك، لكن هذا القرب لا يأتي دون مقابل، فرأيتك في صورتك الحقيقية، إنسان خطاء متكبر أحيانًا وحنون أحيانًا أخرى. فكان الاختبار؛ اختبار للمعاني الحقيقية التي تؤسس العلاقات.. مثل قبول الآخرين بخيرهم وشرهم، ورؤيتهم بجانبيهم الخير والشر في كل موقف..
تُرى ماذا سيكون آدائي في الامتحان؟ هل لي من فلاح؟ أم سانسحب من تحمل مسئولية أمنياتي؟
هل كانت أمنياتي هي أحلام فتاة مراهقة تبحث عن السعادة والحب الأفلاطوني بلا اعتبار لواقعية الحياة؟ أم سيجعلني هذا الاختبار أتحول لإمرأة ناضجة تعي ثُقل مشاعرها وعمقها وآثارها عليها وعلى غيرها؟
أعلمُ أن هذه التساؤلات هي لتمنحني القوة اللازمة لخوض ذلك الامتحان بقلبٍ شجاع.. وأعلمُ أنه كل اختبار قد جاء فقط ليُعلمنا درسًا جديدًا قد ينفعنا لاجتياز الاختبار الذي سيليه..

Comments

Popular posts from this blog

#239 - عن حُبي لَكَ

#181: What's wrong with you people?

#260: الخوف بيوجه للطمأنينة