#273: المستعمر
كم هو مُضحك انه كل ما يشغلُني الآن هو أن ابتعد عنك ... ليس بالمسافات، ولكن بالفكر ... لا أنفك أن أُشيح بفكري عنك لبضع ثواني فتأتيني مرةً أخرى لتتأخذ موقعك في منتصف عقلي وفي مُقدمة قلبي.. فلا أنطق بغير اسمك كلما حل الصمت داخلي.. فإنك لم تُسيطر على تفكيري فقط، لكنك قد استعمرت كل كياني... وأنا من يُلام على ذلك.. أنا هي من أدخلتك قلبي، وأنا هي من جعلتك تنمو وتمد خيوطك بداخلي حتى التحمت أنسجتك بانسجتي .. ويا ليتك كنت أنت حقًا من استعمرني.. لكن ذاك المُدمر الذي بداخلي، ما هو إلا خيا لٌ لك .. صورةً لك قد رسمتها أنا بمشاعري المتدفقة البريئة .. كانت مشاعر طفلة تظن إنها تملك هذا الكون بايديها كبسكويتة الايس كريم .. نعم، لقد خدعتُ نفسي حينما ظننتُ إنه يكفيني أن أصدق تلك الدقات التي دقها القلب فَرِحًا بما يراه من أفعال ويسمعه من كلام ويرويه من نظرات مِن شخصٍ ذو رونق مثلك.. فهل لي أن أعود لتلك اللحظة التي علمتُ فيها عن وجودك؟ هل لي أن أغير الماضي، فأحول دون لقائك؟ .. أدرك جيدًا أنه إذا غيرتُ الماضي فسيتغير كل شيء في حاضري الآن.. لكن، لما لا؟ ليس لأنه قد يكون أفضل، فذلك في علم الغيب، ولكن لأنه...